النار هي الشخصية الرئيسة في الرواية، وهي الفاعل الأكبر المؤثر فيها، وربما لولا النار لما كانت الرواية، فالنار هي التي خلقت الرواية، وهي التي تحرك شخوصها، وتوجه أحداثها، وتسيطر على مفاصلها، وكل نار تشبُّ أو تُوقد تكتب فصلاً جديداً في الرواية، بها بدأت الرواية، وبها انتهت. رواية مشتعلة من بدايتها إلى نهايتها، تكاد تشعر وأنت تقلب أوراقها أنها/أنك قد تحترق بين لحظة وأخرى. النار في ظاهرها شر، وفي الرواية تبدو للوهلة الأولى أنها خطر ودمار وسبب في التشريد والموت، ولكن بنظرة متأنية عميقة، نجد أن النار كان لها أثر إيجابي فاعل ومنتج، ولولاها لما حيك نسيح هذه الرواية، بأحداثها المثيرة، وتحولاتها المهمة، وأسئلتها المقلقة.
حكايات أصحاب الرسائل، التي كتبوها وضاعت مثلهم في البحر. لكنّها تستدعي رسائلَ أخرى، تتقاطع مثل مصائر هؤلاء الغرباء. هم المهاجرون، أو المهجّرون، أو المنفيُّون المشرَّدون، يتامى بلدانهم التي كسرتها الأيَّامُ فأحالت حيواتِهم إلى لعبة “بازل”. ليس في هذه الرواية من يقين. ليس مَن قَتَلَ مجرمًا، ولا المومسُ عاهرةً. إنّها، كما زمننا، منطقة الشكّ الكبير، والالتباس، وامِّحاء الحدود... وضياع الأمكنة والبيوت الأولى. هدى بركات: روائيَّة لبنانيَّة، تُرجمتْ رواياتُها إلى لغاتٍ عديدة، ووصلتْ إلى اللائحة القصيرة لجائزة “مان بوكر إنترناشونال برايز 2015” التي تُمنح عن مجمل أعمال الكاتب أو الكاتبة مرَّةً كلّ سنتين.


