في روايته الجديدة «خريف البلد الكبير»، يُضيء الإعلامي والروائي المصري محمود الورواري الواقع الراهن من خلال العودة إلى الماضي. وهذا ما يجعل لكلٍّ من الزمنين حكايته الخاصّة، وتتناوب المشاهد الروائية لكلٍّ من الحكايتين على إشغال مساحات السرد، في الشكل. أمّا في المضمون فنحن أمام حكايتين منفصلتين في الزمان والمكان والمواصفات والنوع الروائي، غير أنّهما تتقاطعان في أنّ بطل الحكاية الأولى وراويها يقوم بالاطلاع على الحكاية الثانية وقراءتها، وهذا تقاطع شكلي. ويقوم بإسقاط الماضي على الحاضر، وهذا تقاطع يتعدّى الشكل إلى البحث في وظيفة الماضي وتأثيره في الحاضر.
حكايات أصحاب الرسائل، التي كتبوها وضاعت مثلهم في البحر. لكنّها تستدعي رسائلَ أخرى، تتقاطع مثل مصائر هؤلاء الغرباء. هم المهاجرون، أو المهجّرون، أو المنفيُّون المشرَّدون، يتامى بلدانهم التي كسرتها الأيَّامُ فأحالت حيواتِهم إلى لعبة “بازل”. ليس في هذه الرواية من يقين. ليس مَن قَتَلَ مجرمًا، ولا المومسُ عاهرةً. إنّها، كما زمننا، منطقة الشكّ الكبير، والالتباس، وامِّحاء الحدود... وضياع الأمكنة والبيوت الأولى. هدى بركات: روائيَّة لبنانيَّة، تُرجمتْ رواياتُها إلى لغاتٍ عديدة، ووصلتْ إلى اللائحة القصيرة لجائزة “مان بوكر إنترناشونال برايز 2015” التي تُمنح عن مجمل أعمال الكاتب أو الكاتبة مرَّةً كلّ سنتين.


